عاد راكبو الدراجات النارية إلى الطرق مرة أخرى، يتهافتون على شراء نماذج تتراوح من سيارات هارلي ديفيدسون الفاخرة إلى سيارات هوندا للركاب بأعداد قياسية، ويتحدون الموجة الحالية من السيارات الكهربائية. ومع ذلك، حتى الدراجات النارية المتواضعة ذات العجلتين يتحتم أن تواجه نفس التحديات التي تواجهها نظيرتها ذات الدفع الرباعي، بما في ذلك ارتفاع التكاليف وتباطؤ الاقتصاد العالمي ونقص الرقائق.
وقد تمكنت شركتا هوندا موتور وياماها موتور، أكبر شركتين لتصنيع الدراجات النارية في العالم من حيث الإيرادات، من تسجيل نمو هائل على مدار عامين، بعد عام 2020 حين تسبب لها الوباء في خسائر قياسية. وانضم إلى العمالقان اليابانيين العمالقة الهنود شركة «باجاج أوتو المحدودة» (Bajaj Auto Ltd) وشركة «هيرو موتور المحدودة» (Hero MotoCorp Ltd) وشركة «تي في إس موتور» (TVS Motor Co). وحققت كل من هذه الشركات إيرادات قياسية وهي في طريقها لمواصلة الزخم نفسه خلال العام الجاري.
وبشكل إجمالي فقد انخفضت إيرادات أكبر 10 شركات لتصنيع الدراجات النارية في العالم من حيث المبيعات بنسبة 11% خلال عام 2020، وفقاً لتحليل «بلومبيرج أوبينيون»، وهو الانخفاض الأكبر خلال عقد من الزمن على الأقل، قبل أن ترتفع الإيرادات مجدداً بنسبة 30% في العامين اللاحقين. ومن المتوقع أن ترتفع الشحنات العالمية للدراجات النارية إلى 42.3 مليون وحدة في عام 2027 مقابل 32.2 مليون وحدة هذا العام، وفقاً لشركة أبحاث السوق «ستاتيستا ماركت انسايتس» (Statista Market Insights).
وبالمقارنة، فمن المتوقع أن تشهد سوق السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطارية، والتي تهيمن عليها شركة «تسلا» وحفنة من المنافسين الصينيين، نمواً ملحوظاً خلال السنوات القادمة. وتتوقع «ستاتيستا» نفسها أن تتوسع هذه السوق إلى 13.5 مليون وحدة بحلول عام 2028 مقابل 7.7 مليون وحدة في الوقت الحالي.
إن الطلب في الأسواق الناشئة هو المحرك الرئيسي لسرعة الدراجات النارية. وتزايد أعداد السكان المتنقلين، جنباً إلى جنب مع ازدحام المدن يجعل من الدراجات النارية خيار النقل المفضل لملايين الأشخاص، في حين أعطى ظهور «تقديم الخدمات عند الطلب» زخماً تجارياً لشراء طرازات جديدة. وما تزال الهند وجنوب شرق آسيا أكبر أسواق الدراجات البخارية من حيث الحجم.
ومع ذلك، تعتمد هذه الطرز البسيطة نسبياً على نفس المكونات المطلوبة في المركبات المتطورة، بما في ذلك الدراجات النارية المتطورة من «بي إم دبليو إيه جي» BMW AG وسيارات تسلا.
كتب نيراج باجاج، رئيس مجلس إدارة شركة باجاج أوتو، في التقرير السنوي 2021-2022 أنه لم ير الشركة تواجه مثل هذه القيود العالمية على العرض من حيث الندرة الهائلة للمكونات. ومعلوم أنه لا يمكن تصنيع أي سيارة حديثة بدون عدد كبير من رقائق أشباه الموصلات، وكذلك الحال مع الدراجات النارية أيضاً.
وقد انتهت مشاكل سلسلة التوريد هذه إلى حد كبير بحلول منتصف العام الجاري، لكن التحديات ما تزال مستمرة. وأشار باجاج إلى وجود حالة من عدم اليقين الاقتصادي والاضطراب السياسي في أسواق التصدير مثل نيجيريا وسريلانكا وبنجلاديش، باعتبارها رياحاً معاكسة قوية. وتتوقع هوندا أن ترتفع التكاليف وأن تتأثر المبيعات بسبب اللوائح البيئية الجديدة في الهند، في حين تشير ياماها إلى أن أسعار المواد الخام آخذة في الارتفاع.
ومن الصعب بشكل خاص التعامل مع هذه الزيادات في التكاليف لأن المستهلكين في الاقتصادات النامية أكثر حساسية للأسعار من المستهلكين في البلدان الأكثر ثراءً. وتتطلع «ياماها»، التي تحصل على حوالي ثلاثة أرباع إيراداتها من الأسواق الناشئة، إلى انخفاض بنسبة 20% في التكاليف التشغيلية من أعمالها في مجال الدراجات النارية هذا العام، مع توقعات أخرى بارتفاع المبيعات بنسبة 7.7%، وفقاً لـ«بلومبيرج اوبينيون».
وتتمتع شركة «هارلي-ديفيدسون»، الاسم المشهور برومانسية الرحلات البرية عبر البلاد، بالانتعاش. فهذه الشركة التي يقع مقرها في ميلووكي بولاية ويسكونسن، تعَد ثالث أكبر صانع للدراجات النارية في العالم من حيث الإيرادات. وقد نسيت الشركة الخسارة التشغيلية التي تكبدها في عام 2020، وهي تقترب من العام الثالث على التوالي من النمو الذي قد تبلغ قيمته 5 مليارات دولار.
وفي يناير الماضي، تم بيع نموذج مبكر من دراجة «هارلي-ديفيدسون» البخارية ذات الحزام في مزاد بمبلغ قياسي وصل 935 ألف دولار، مما يدل على الشعبية المستمرة لواحدة من أشهر العلامات التجارية في أميركا. لكن المشاكل مع أحد الموردين العام الماضي أدت إلى تقليص الإنتاج، وما تزال الشركة غير قادرة على تحقيق إيرادات بقيمة 5.5 مليار دولار، أي الرقم الذي حققته في عام 2014.
وتمضي «دوكاتي»، العلامة التجارية الإيطالية المشهورة بين دراجات السباق، على الطريق الصحيح لزيادة مبيعاتها بنسبة 70% هذا العام مقابل خسائر عام 2020، بعد أن سجلت إيرادات وشحنات قياسية في عام 2022. وباعت شركة «بي إم دبليو»، شركة صناعة السيارات الألمانية، أكبر عدد من الدراجات النارية على الإطلاق في العام الماضي وستحقق مرة أخرى إيرادات وأرباحاً تشغيلية عالية تاريخياً من هذه الفئة خلال عام 2023. ويعني هذا الإحياء للدراجات السياحية والرحلات الأكبر حجماً أنه حتى شركة «تريومف موتورسيكل» المحدودة البريطانية تمكنت من العودة إلى الربحية العام الماضي.
وتعود جاذبية تجارة الدراجات النارية إلى كونها في متناول جميع المستويات، حيث تفسح النفعية المجال للإثارة والرفاهية مع صعود المستهلكين سلَّم الثروة. كل ما تحتاجه للاستمتاع بالرحلة هو تشغيل محرك دراجتك البخارية والتوجه إلى الطريق السريع.


ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنج آند سينديكيشن»

تيم كولبان
صحفي يغطي سوق التكنولوجيا